أدعو لنبذ التسقيط السياسي بين قوائم الكوتا المسيحية

نحن شعب مسيحي واحد كما يزعم الجميع إن كنا كلداناً او آشوريين او سريان او ارمن فلا فرق بيننا والدليل على ذلك هو (المساواة) بيننا في عمليات التهجير القسري من الوطن وظلم وقهر وإرهاب يطالنا جميعاً دون تفرقة والسبب هو هويتنا الدينية المسيحية فهذه الهوية يمكن ان توحدنا في السراء والضراء ، لاسيما اوقات المحن .

بالإضافة الى كل ذلك هنالك من العقلاء والكتاب ورجال الدين المعتدلين من المسلمين في وطننا يضربون بنا المثل نحن المسيحيون بأننا مثال التعايش والوعي وقبول الآخر ، والكل يشهد ان المكون المسيحي يمثل نخبة عراقية وطنية واعية في النسيج المجتمعي العراقي . ومع كل هذه الأسباب ينبغي ان نشكل مثالاً جيداً يقتدى به في التجربة الديمقراطية العراقية ، ولهذا اقول :

علينا ان نوقع وثيقة شرف بين كل الكيانات المتمثلة في قوائم الكوتا المسيحية لكي لا نلجأ الى اسلوب التسقيط السياسي للاخر او استخدام المال السياسي في عملية الأنتخابات وحري بنا ان نبتعد عن هذا الأسلوب المعتبر اسلوب يتاخم اللاأخلاقية السياسية . فمهما كان بيننا من التنافس فلا يمكن ان نصل الى حدود العداوة والأنتقام .

من المؤسف ان نلمح في الأفق اسلوب التسقيط السياسي يلجأ اليه الآخرون ونحن في مرحلة مبكرة من الدعاية الأنتخابية ، فقد كتب السيد انطوان صنا في تعليق له على مقالي السابق الموسوم : لماذا رشحت نفسي في قائمة بابليون التي يرأسها الأخ ريان الكلداني ؟

وكان رد السيد انطوان صنا الذي تنكر لأنتمائه الكلداني وانتقل الى الأنتماء الآشوري ، وهذا امر يخصه لا نتدخل فيه ، لكن هو اول من استخدم اسلوب التسقيط السياسي باعتباره ، محسوب وموالي لقائمة المجلس الشعبي تحديداً . وقد كتب تعليقه على المقال المذكور بتعليق غريب عجيب وبمنأى عن اي رأي حصيف ولائق ومسؤول ، ويبدو ان اناء هذا الرجل ينضح بما هو فيه ، إذ يقول في الفقرة الرابعة وحسب الرابط اسفل المقال . يقول :

– حسب رأي الشخصي ان السيد حبيب تومي فقد مركز توازنه السياسي ويتخبط ويشعر بنوع من الافلاس السياسي والتهميش والشعور المسبق بفشل التنظيمات السياسية الكلدانية لذلك ارتمى في احضان قائمة (بابليـون) بشكل غير لائق بعمره وبتاريخه ومواقفه وادعاءاته ومزايداته من اجل الكرسي خاصة ان قائمة بابليون غير متجانسة فكريا وسياسيا وطارئة على شارع شعبنا وليس لها علاقة بفكر شعبنا وبحقوق شعبنا الوطنية والقومية والتاريخية المشروعة في الوطن واني مسؤول عن كلامي . انتهى الأقتباس .

في الحقيقة انا مستغرب من هذا الأسلوب التسقيطي ، فأنا شخصياً كانت علاقتي طيبة مع هذا الرجل العجيب الغريب في مواقفه ، والدليل على ذلك ما يسطره هذا الرجل من كلمات التقدير والأحترام لشخصي ، ففي رسائل سابقة كنت استلمتها من السيد انطوان الصنا وعلى سبيل المثال هذه رسالة بتاريخ 12 / 3 / 2009 يقول فيها :

استاذي العزيز حبيب تومي المحترم

تحية طيبة

استلمت رسالتك التاريخية واني عن نفسي سوف التزم بكل ماورد فيها من اسس وقواعد حرصا على وحدة الكلمة والصف القومي الكلداني مع

تقديري

اخوكم ومحبكم

انطوان الصنا

مشيكان

ورسالة اخرى وهي بتاريخ 17 / 5 / 2009 يقول السيد انطوان الصنا في بعض ما ورد فيها :

استاذي الفاضل حبيب تومي جزيل الاحترام

تحية اخوية واعتذار

اعتذر كثيرا لتأخري في الرد لانشغالي …

استاذي العزيز

ان مفاهيم الزعل والتشنج ليس ضمن قاموس تعملنا الحياتي اليومي والثقافي لثقتنا بأنفسنا ومبادئنا اولا … فكيف ذلك ونحن تلاميذ مدرستك ثانيا ……

مرة اخرى اكرر اعتذاري واسفي الشديد على تأخري الرد وستبقى علما ومفكرا واستاذا لنا وتذكره الاجيال الحالية والقادمة بكل شموخ واباء بعد عمر طويل وبفخر واعتزاز وثقة مع تقديري واعتزازي …

تلميذكم ومحبكم

انطوان الصنا

مشيكان

يستنتج من هذه الرسالة وغيرها بأنه لا يوجد خلاف شخصي مع السيد صنا ، ولكن حينما بدل السيد صنا ولائه القومي والسياسي بات يسلك سلوك التسقيط السياسي للاخرين ..

انا شخصياً كنت ثائراً في الجبال وبعد ذلك درست خارج العراق ، ثم عملت مهندساً بحرياً في اعالي البحار ، وخالطت مجتمعات كثيرة ولم اصادف في حياتي شخص بهذه القابليات ، فأنا شديد التعجب بهذه القابلية للتلون او التحول ، وهنا اسأل السيد انطوان الصنا : اي من النصين عن حبيب تومي فيه المصداقية وأي منهم فيه عدم المصداقية ولا اقول ( الكذب ) . والجواب متروك للسيد الصنا .

اقول :

لا يليق بنا نحن المسيحيون ان يسود بيننا اسلوب التسقيط السياسي ، من حق اي كيان وقائمة ان يشرح برنامجه للمواطن ويظهر تاريخه النضالي ، ومن حقه ان يقنع المواطن ويكسبه الى جانبه ، لكن ليس من حقه اللجوء الى إسقاط الآخر ، لأن الاخر سيقوم بعملية رد فعل فيلجأ الى اسقاطه ايضاً ، وهكذا تبرز المشاكل لتصل احياناً الى عمليات الأنتقام والقتل بين بعض القوى المتنفذة ، ونحن الكلدان والسريان والآشوريين في غنى عن هذا التسقيط الذي يصنف مع اللاأخلاقية السياسية .

المال السياسي

من المعروف ان المال السياسي للدعاية الأنتخابية يأتي من المتبرعين ، وخاصة من اعضاء الكيان او اصدقائهم ، لكن في العراق اعتقد الحكومة تساهم في هذا الجانب ، وعلى نطاق قوائمنا المشتركة في الكوتا المسيحية ، فما ترشح من الأخبار في الأنتخابات السابقة فإن القائمتين التابعتين للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والزوعا قد أغرت الناخبين ببعض الحاجيات المنزلية كالصوبات ، والبطانيات ، وكرتات الموبايل وربما مبلغ من المال .. الخ

ليس من حق الكيان ان يصرف المبالغ التي تجمع باسم الجمعيات الخيرية ، كجمعية آشور الخيرية ، والمبالغ المخصصة للعوائل المتعففة او المخصصة للبنية التحتية للقرى المسيحية والتي هي بحوزة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ليس من حق هذين الكيانين صرف هذه المبالغ للدعاية الأنتخابية ، او لشراء اصوات الناخبين .

الدعاية والإعلام

يحضرني ما اقدم عليه موقع عنكاوا في الأنتخابات البرلمانية العراقية السابقة ، حيث منح مساحة إعلامية متساوية لجميع القوائم ، لكن هذا السلوك لم يكن سارياً في قنواتنا الفضائية . ففي فضائية اشور ومواقع الزوعا الألكترونية كانت مخصصة للدعاية لقائمة الزوعا وهذا مفهوم . باعتبار زوعا حزب قومي متشدد معروف بأديولوجيته الأقصائية بحق الكلدان والسريان على فرضية خلق مكون مسيحي متجانس قومياً وهي القومية الآشورية . لكن هذه الأفكار باتت منبوذة ومنكرة في العالم المتقدم ، وفي وطننا العراقي في طريقها الى الزوال امام الفكر الليبرالي الديمقراطي الحر .

وفي نفس السياق عكفت فضائية عشتار المخصصة للمكون المسيحي من قبل اقليم كوردستان ، فإن هذه الفضائية تستغل من قبل مكون مسيحي معين ، دون ان يستفيد منها السريان والكلدان فيما يخص المسألة القومية ، بل ان فضائية عشتار تتخصص وقت الأنتخابات ( حصرياً ) للدعاية الأنتخابية لحزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي يتنافس مع الأحزاب الأخرى على مقاعد الكوتا المسيحية . فيتوفر حظ اوفر من الدعاية الأنتخابية للزوعا وللمجلس الشعبي ، وهذا واضح من هيمنة الحزبين على الكوتا المسيحية في اقليم كوردستان وفي برلمان العراق الأتحادي في الدورات السابقة .

نعود الى المهم

وهو الكف وإيقاف اسلوب التسقيط السياسي ، وكذلك عدم اللجوء الى تسخير المال السياسي في شراء الأصوات بين الفرقاء في الكوتا المسيحية ، بغية خوض عملية انتخابية شفافة شريفة ، ونترك للناخب حرية الأختيار بمنأى عن الأساليب الملتوية . وربما تكون هذه الطريقة غريبة في مجتمعاتنا ، لأننا تعلمنا على الأسلوب الميكافيللي في الوصول الى الهدف السياسي ، إذ اصبحت الميكافيلية تعتمد كصفة للخبث والدهاء والغدر والفساد في السلوك والأخلاق .

ولكن حتى ( ميكافيللي يقر بوجود سبيلان للوصول الى الإمارة ، ففي الفصل الثامن من كتابه الأمير يقول ص96 في عنوان : أولئك الذين يصلون الى الإمارة عن طريق النذالة ، ويضيف ان احد السبيلين يتلخص في وصول المرء الى مرتبة الإمارة عن طريق وسائل النذالة والقبح . اما السبيل الآخر فعن ارتقاء أحد ابناء الشعب سدة الإمارة في بلاده بتأييد مواطنيه) . انتهى الأقتباس

وفي الحقيقة ان ميكافيللي يورد ذلك منطلقاً من ظروفه ولا يمكن التطرق اليها لأسباب يطول شرحها .

المهم إذا اتفقنا على نبذ الأساليب المنافية للعملية الديمقراطية السليمة ولأخلاقيات السياسة ، فيمكن ان يشكل ذلك ارضية سليمة للتعاون داخل مبنى البرلمان والذي سوف نتطرق اليه في مقال قادم .

ولهذا ادعو كافة الكيانات السياسية المسيحية العراقية المتمثلة بالقوائم المسجلة ان نلجأ الى الدعاية الأنتخابية الشريفة لكي نمثل نموذج حي مثالي لخوض اللعبة الديمقراطية بطرق نزيهة ، فهل نستطيع ذلك ؟ فلنوقع وثيقة شرف على انتهاج هذا الأسلوب المثالي .

تحياتي

د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 01 / 14

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,718951.0.html

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *